تاريخ الطيبة
إن الموجات السامية وغيرها هاجرت من شبه الجزيرة العربية الى منطقة الشمال منها موجة الكنعانيون الذين أرجح غالبية المؤرخين أصلهم الى العرب القحطانيين فإستقروا الكنعانيون في فلسطسن ما بين جبل الكرمل في الشمال والعريش في الجنوب.
الطيبة بناها الكنعانيون عندما أتوا إلى فلسطين قبل 4 آلاف سنة قبل الميلاد وأسموها (عفرة ) أي الغزالة وبما أن الإنسان عرف بناء المدن بين أعوام 2000- 2500 ق . م اثبت علماء الآثار وجود العديد من القصور والأسوار والأقبية حتى إن وجدت أسماء مدن وقرى عديدة على أعمدة هيكل الكرنك في مصر العليا ما زالت ماثلة إلى الآن ، ومن المدن التي بنيت في ذلك الحين عفرة أو عفراء أو عفرائين والتي ثبت لدى العديد من المؤرخين إنها الطيبة الحالية وإن سكانها هم من السكان الأصليين الذين سكنوا هذه الديار ألا وهم الكنعانيون ومن ثم الفلسطينيون
أما المسيحيون فكان وجودهم في الطيبة في عهود المسيحية الأولى ، أعمال الرسل تخبرنا أن عدد المسيحيين في العقود الثلاثة بعد المسيح أصبحوا ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف بعد أن شفى مار بطرس المسلول ، إذ كان بطرس ويوحنا يجوبون القرى ويعمدون الكثير بوضع يدهم عليهم ومن هذه القرى كانت أفرام الطيبة التي إستضافت المسيح قبل عدة أسابيع من صلبه كما أوردنا سابقاً ، كما ورد في إنجيل يوحنا الإصحاح 11 – عدد 54 ، كما ذكرها المؤرخ يوسيفوس في كتابه الذي كرسه لأسماء الأماكن في الكتاب المقدس .
وكذلك ذكرها من بعده المؤرخ يوروتيموس الذي عاش من 347 – 420 ب.م. وكان يترجم الكتاب المقدس في المغارة الواقعة تحت كنيسة المهد خوفاً من إضطهاد الرومان له ، كما ورد ذكرها في سفر يشوع إصحاح 18( أعداد 21- 24 ) وهي إحدى مدن سبط بنيامين وهي : أريحا ، بيت حجلة ، وداي قصيص ، بيت العزبة وحما رايم وبيت إيل والعويم والفارة وعفرة .
أما سفر القضاه (1200 – 100 ق . م) فجاء ما يلي :
إصحاح 6 (عدد 11 – 12) جاء ملاك الربّ وجلس تحت البطمة في عفرة التي ليواس الا ليعزري ، وهو أبو جدعون ، هذا غيض من فيض من تاريخ الطيبة ( عفرا وإفرايم ) قديما كما ورد في التوراة .
ورد ذكر الطيبة في خريطة مادبا الفسيفسائية المحفوظة للآن في كنيسة الروم الأرثوذكس / الطيبة ويرقى تاريخها إلى القرن السادس الميلادي كما يعتقد العلماء وكما جاء في كتاب الأردن : تاريخ حضارة أثار ، لمؤلفه الأب لويس مخلوف الذي يقول عنها : ” ان خريطة مادبا تقدم لنا أقدم خريطة مصورة عن الأردن وفلسطين ومصر وإن كنّا لا نعلم التاريخ الدقيق لوجود هذه التحفة الفريدة إلا أن العلماء يعتقدون إنها تعود إلى سنة 565م ”
وإذا كانت هذه الخريطة ذكرت إسم الطيبة ” بعفرة ” وبأسماء مدن فلسطين العريقة في التاريخ كأريحا ونابلس واللّد ويافا وعسقلان ، فما ذلك إلا لكون الطيبة كانت ولا زالت تتمتع بشهرة تاريخية عريقة .
ورد ذكر برج الطيبة في كتاب الحروب الصليبية لمؤلفه : ر. س. سميل ترجمة سامي هاشم، ص 288 ما يلي : يظهر دليل المباني أن أبراج المصراع وبرج العطعوط وقانون تعود في تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي ، كما يقع إلى الشمال من القدس برج اللسانة الذي يشرف على طريق نابلس وفي مكان لا يبعد عنه يقع برجا خان البرج والطيبة .
أما ياقوت الحموي المتوفى سنة 626 الموافق 1228 م. فيورد إسم الطيبة تحت إسم عفراء إذ يقول في موسوعته الجغرافية المسماة ” معجم البلدان ” الجزء الرابع نشر دار صادر صفحة:131 ما يلي : وعفراء حصن من أعمال فلسطين قرب بيت المقدس .
كانت الطيبة إحدى الممرات للذهاب للقدس فإن صلاح الدين الأيوبي قد إفتتحها هو الآخر ومر بها عندما ذهب لتطهير القدس من الصليبيين وبعد أن هزمهم في معركة حطين سنة 1187 وكانت تسمى عفرة آنذاك كما ورد في كتاب الروضتين في تاريخ الدولتين ( النورية والصلاحية ) تأليف الحافظ المؤرخ شهاب الدين أبى محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي الدمشقي ذكرها من جملة البلدان التي فتحها في توجهه لفتح القدس إذ يذكرها في الجزء الثاني ، نشر دار الجيل / بيروت ، وقد إشتمل الفتح على البلاد المعينة بعد وهي ” طبرية ، عكا ، بيت جبرين ، بيت لحم ، صوبا ، سلع ، عفرا .